كان لي صديق - أكجل - وهو اكبر الابناء لأبيه.
وطبعا لا يأتي الكجل من فراغ...وقام بنقل الفايروس الى اخوته
وبعض أقاربه..فصار هناك مجموعة من الكجلان بهذه العائلة.
- صديقي هذه - يبدو انه لم يسمع بنهر الفرات..ولا حتى بوجود ماء.
بل كانت معرفته بالماء لا تتعدى - الشرب - اما الغسيل والتنظيف فهو مفقود
من معجمه وتاريخه .
فأصبح أكجل يشبه النسر الأمريكي الأصلع في صحراء نيفادا.
وقد أدى ذوبان جلدة رأسه وانهرار الشعر وتساقطه الى ضغط على الجمجمة
بحيث فقد المخ الذي يقبع تحت قشر الجمجمة فاقدا للكثير من خصائص الوعي والتفكير.
وصار صاحبنا ينسى كثيرا ما حفظه في سنوات ما قبل الكجل.
مررت من جانبه يوما وقلت له:
- هاشبيك يول ما تقول مرحبا؟؟؟
فقال كلمته الشهيرة الذي اعتاد على ترديدها:
- العمى اشمجحشني.....والله ما شفتك.
فكانت هذه الكلمة هي صك غفران له في الاسف والنسيان.
منذ عدة ايام لمحته في الصحراء وهو مجرمز على فقعة كمأ ليحوشها.
فتوقفت السيارة بقربه فقلت له (( وكنت التثم باليشمغ )) :
- ها يول - كجولة - شلون طقها؟؟؟
بي كما ..لو مابي.
فقال: الخير كثير....
ثم انتبه وشاهدني وربما عرفني من صوتي فقال:
- العمى اشمجحشني...والله ما عرفتك...شلونك ابو حسان؟؟
قلت له وانا أضحك:
باين عليك انك نظفان...بس لا يروح تصالحت مع نهر الفرات وصرت تغسل؟؟؟
قال: الا منين....ما تشوفني - ممرمح عبالك حصيني ؟؟)).
وعندما نظرت الى كيسه وجدت انه قد التقط حوالي كيلو ونص من الكمأ.
قلت له مازحا:
بما اني دكتور - خبير أعشاب - انصحك بأن تسلق الكمأ.
وتشرب كل يوم ثلاث طاسات من المرق فقد يشفيك الله وتصبح تستخدم
كلمة : ما أروعني.....بدلا عن ...ما أجحشني.
وودعناه وانطلقنا...فقام بالتلويح لنا مودعا باحدى يديه.
بينما كانت اليد الأخرى تحكّ نفس المكان الذي كان يحكّه قبل 35 عاما.
سوا مشان سوريا