اجتماع الحبابات تحت العريشة

من ذاكرة المدينة 5 (اجتماع الحبابات تحت العريشة)

حبابا فهيمة، حبابا رديفة، حبابا سُكنة، حبابا هاجر، حبابا أم زياد، حبابا مديحة، حبابا صبحية، حبابا أم شوقي حبابات أخريات ( رحمهن الله جميعاً) نسيت أسماءهن كن يجتمعن في حوش بيت جدي من بعد العصر إلى قريب المغرب، تعلوهن العريشة، وفوق العريشة سعف النخلتين الكبيرتين، والأرض تحتهن من تراب الجبَّان المرشوش بالماء برائحته العبقة التي هي رائحة الأرض في فصل الربيع بعد المطر في ذلك اليوم الصيفي الحار.

برأيكم ماذا كن يعملن في كل هذه المدة، كن يلعبن لعبة الطمَّة، أو الطميمة....

ياألـــــــــــــــــــــــــــــــــــله ما أجمل تلك الأيام، ويال ذلك الزمن الجميل!!!

كنت في السابعة أو الثامنة من عمري، وكنت أستمتع كثيراً بالنظر إليهن وهن يعكفن على تلك اللعبة البسيطة الممتعة.

كانت كل واحدة منهن ترسل أحد أحفادها إلى بقالة في الحي (روح ياعيني على أبو بهاء شتريلك بوزاية بربع ورقة، وخليه يصرفلك هالخمس ورقات رباع).

لماذا؟

حتى تدخل نادي المقامرة في (أحد نوادي لاس فيغاس) حوش بيت جدي وتلعب الطميمة، نعم كن مقامرات من الطراز الرفيع، كانت أصواتهن ترتفع وتتعالى من أجل ربع ليرة وأحياناً نصف ليرة، ( والله أنت تزغلين ما خبطت التراب زين) فترد الأخرى ( وأهل الحضرة والعباس وخضر الياس ظليت أخبص بيه إلى ما خبصه زمانه) فترد الثالثة ( ريت العباس يلطش حطيتي كل الفلوس بكوم رديفة، فترد عليها (يمة أعدم عيوني إذا غشيت والا زغلت هاشيبش أول مرة نلعب، والله ما ينلعب معاكم) ...... وهكذا

أما مبدأ لعبة الطميمة لمن لم يعرف هذه اللعبة أو لم يقامر بها فهو كالآتي:

كومة من التراب الناعم ربما أقل من نصف تنكة على حسب عدد اللاعبين أو اللاعبات، وكل واحدة تضع في هذه الكومة مبلغاً من المال متفقا عليه، ربما ربع أو نصف ليرة، ليس أكثر.

تقوم إحداهن ( الشاويشة) بخبط التراب مع النقود، ثم تقسِّم التراب إلى أكوام فتقول إحداهن: (ترى إيد المقسم بالنار) أي إن لم تعدل في القسمة، فتأخذ كل واحدة من اللاعبات الكومة التي أمامها، ثم يبدأ البحث والنبش، وكأنهن دجاجات يبحثن عن الحب في التراب.

ثم تعال بعدها واستمع إلى تعالي الأصوات، واحدة تهلهل، وأخرى تولول، وثالثة تشتم، ورابعة تهجم. ( آني حظي من السما كل وحدة هي ونيتها) تقول الفائزة بالنصيب الأكبر من النقود، والأخرى ترد ( ياغشاشة يازغالة والله معد ألعب معاش النوب)، والثالثة (تنفخ النفخة فتحرق الطبخة من شدة غيظها وحنقها).

ثم بعد الجدال والنقاش والأيمان يعودون إلى اللعب مرة أخرى، وكل واحدة عينها على الشاويشة التي تخبص التراب حتى لا تغش فتسحب المال إلى كومتها أو كومة حليفتها.

وفيما بين الأشواط يريحون أنفسهم بكاسة الشاي المهيَّل المخدر على المنقل بحطب الرِّمث، ومعه الكليجة التي تجذبك رائحة بهاراتها ( الحوايج) قبل أن تتذوقها، وكذلك بزر (سقِّيع الشمس) أو (بزر الدبشي المسلوق).

هذه الاستراحة مدتها ربما من ربع إلى ثلث ساعة، وأحياناً تنتهي اللعبة عند نهاية الشوط الأول؛ حيث إن اللاعبة ذات الحظ السعيد قد كسبت كل أرباع الحبابات الأخريات وكوّشت عليه، وبذلك تكون اللعبة قد انتهت، إلا إذا قررن أن يستبدلن النقود بعجو التمر، فهذا منه كثير، هن يلعبن ونحن الأطفال نجمع لهن العجو وبكلا الحالتين نحن مستمتعين.

وهكذا كل يوم على اللعبة نفسها إلا إذا كانت هناك (معادة) فإنهن ينقطعن عن اللعبة إلى أن تنتهي أيام الحزن ثم يعودون ويبدؤون من جديد.

والسلام ختام

اقتباس:

وفيما بين الأشواط يريحون أنفسهم بكاسة الشاي المهيَّل المخدر على المنقل بحطب الرِّمث، ومعه الكليجة التي تجذبك رائحة بهاراتها ( الحوايج) قبل أن تتذوقها، وكذلك بزر (سقِّيع الشمس) أو (بزر الدبشي المسلوق).

الله الله عليك يا رائع تسلم ايدك الحلوين

الله عليك هذيك ايام السذاجة و البرائة باسلوب عجايزنا البسيط و عاداتهم اللتي حملوها من جيل الى جيل

و ها انت تجدد و تنقل لنا هذه العادات ليعرفها كل جيل ماشاء الله عليك

فعلا شي رائع مجتمعنا الجميل و البسيط بهذه الالعاب والعادات البسيطة و الجميلة

هذا كرما منك لتنعش ماضينا و يتعلمه جيلنا الحاضر حتى لا تنسى تلك العادات و الالعاب التراثية

شكرا لك استاذنا الفاضل و الكريم زفير

توقيع : محمد الجاسم

هههههههههههههههههههه

هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه

ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه

حبيب قلبي ...ايها الكاتب المدهش...

اسمح لي بأن أشاهد ما رسمته في الكاميرا...

لا اظنني امام نص ادبي جميل ....بل انني امام صورة منقولة بعبقرية.

لقد تعلمت منك التقاط الكثير من هذه الصور والمفردات الرائعة:

اقتباس:

ثم يبدأ البحث والنبش، وكأنهن دجاجات يبحثن عن الحب في التراب

رائع جدا...

يا سيدي....كانت جدتي وربما خالتي وربما عمتي وجارتي في فريق الطمة..

وحتى لا اظلم احداهن فقد تكون من رابطة المشجعين.

كنت افكر بشيء لم يخطر ببالك....انه أيديهن الخشنات....فعجن التراب وخلطه يجعل يد المرأة

كالمبرد...وهذا ساعدهن كثيرا على القرص أثناء الكونات.

قرصة اليد الخشنة تعادل ثلاثة اضعاف اليد الناعمة أو الملساء.

وبعضهن لكثرة استحضار التراب وتقريبه الى احضانهن يؤدي الى امتلاء حضنها بالتراب الفائض

حتى اذا ما نهضت تترك أمامها قلاب جبان يكفي لبناء كوخ في الاسكيمو.

اخي الغالي..استاذي:

بعضهن يضعن القدرية على النار اذا كانت اللعبة صباحية..وتنسى حالها....

ولا تفطن الى الطبخة الا بعد ان تظهر رائحتها المحترقة وتفوح في الشارع...

فتنهض وهي تشهق وتقول: شاطت القدرية...التعن ابو حظها...فتركض ولكن......!!!!!!

تلك هي لحظات التراث التي تتجلى في صورة رائعة رسمتها اناملك الجميلة.

دمت بكل خير ..واشكرك

سعيد الرجيب

توقيع : سعيد الرجيب