من عالم الطرافة والخيال التراثي.
في احدى القنوات الفضائية الخاصة
استوقفني برنامج مضحك جدا
عن سباق الهجن.
تلاه مباشرة مزاد علني لمزايين الابل.
المنصة...الجمهور..المذيع...
كل شيء نقل مباشر.
تقدمت ناقة يقودها شخص
لابس جلابية وحفيان ومر بيها من قدام المنصة
الرئيسية.
فشخصت اليها أبصار الحاضرين الذين يلبسون
نظارات سوداء مو راهمة عليهم..بس....!!!!!
وبعضهم صابغ لحيته حمراء او صفراء
او برتقالية او حالكة السواد او بيضاء سادة.
شايلين خيزرانات رفيعة
وملساء كنوع من الأناقة والترف.
وتابعوا خطوات الناقة
وهي تنظر اليهم وتلوك الشوك بعذوبة ولذة.
انا لست خبير في عالم الابل والمزايين..ولكن عيوني
تشرح ما أمامها بواقعية.
كانت الناقة خنّتها سايلة
وجلدها سايف من كثر الحك..
لاشيء يدل على انها اكثر
من بعير او جمل ماشي على طشم الله.
استلم المذيع المكرفون وبدأ يمهّد ويعدّد خصال هذه
المخلوقة العجيبة.
فأشار أحد الحاضرين (( فاتحا المزاد )) برفع
اصبعيه السبابة والبنصر
فصاح المذيع:
باثنين مليون دولار...باثنين..اثنين...اثنين...اثنين.
رد احدهم (( مضيفا الاصبع الوسطاني ))..ثلاثة.
فصاح المذيع:
- ثلاث..ثلاث..ثلاث...ثلاث....
رد التالي : اربعة.
- اربعة اربعة اربعة اربعة....
حدا عنده زود؟؟؟اربعة مليون دولار..اربعة اربعة..
فتنحنح احد الشياب الحاضرين ولحيته صفراء تميل الى
البرتقالي:
(( وقد استخدم اصبعه السبابة بشكل عرضي يدل على
تقاطع المنتصف )).
فصاح المذيع:
- اربعة ونص...اربعة ونص...اربعة ونص,,
واحد اثنين ثلاثة ...مبروك....
(( هكذا بسهولة ))...مبروك...
.اربعة مليون دولار ونصف فقط...
تشاهدت ان لا اله الا الله محمد رسول الله.
فركت عيوني...نظرت جيدا
الى مضيق جبل طارق فوجدته ما زال في المغرب.
ونظرت الى قناة السويس
فعرفت انها ما زالت في
مصر.
ونظرت الى حوش بيت دغر...فتذكرت الكدش.
كان مليئا بالكدش ...
كان حوش بيت دغر يتسع لنصف مليون متفرج
مثل ملعب ريال مدريد.
وكانت الكدش من سلالات اصيلة
الا ان بعضها قد تم كسر رجله فبدأ يعرج
ويستعرض -عرجته - في الحوش.
والبعض منها (( مقطوع ذيله ))
لاسباب فنية أو قتالية.
والبعض منها وصل الى قمة الهرم حتى دخل في
شيخوخة واضحة وبدأ ينهت ويتنفس
بصعوبة كحصان (( قرّو )) المصاب بالربو.
ومع ذلك ما يزال الحوش مليان كدش رائعة بكل
مقاييس الخيول.
كان معدل استهلاكها السنوي من الشعير والجتّ
والحشيش وورق الخس والفجل
لا يتعدى ثلاثين دولار بالسنة.
حاولت ان ابدّل الاربعة ملايين ونصف دولار
الى عملة سورية في خيالي.
فكانت اكثر من ثلاثة وعشرين مليون ليرة سورية .
(( اعرف ان الرقم اكثر ))
ولكني خفت ان أدوخ من الرقم الحقيقي.
فقلت:
الله يرحم ايام زمان...
كانت احدى الكدش في حوش دغر بعين واحدة.
والثانية تشكو من قلة الطعام..
والثالثة تضلع من الضيم والقهر.
والبقية عليكم..
تخيلوا:
اربعة ونص مليون دولار.....!!!!!!!
وعلى ماذا؟؟
وكيف؟؟
ومتى؟؟
واين؟؟
وتصبحون على خير