في الطريق الى ام البقر

موضوع: في الطريق الى ام البقر في الطريق الى ام الب قر Icon_minitimeالثلاثاء مايو 11, 2010 5:44 am

على رصيف قهوة البلدية بالبوكمال جلسنا نشرب الشاي ..

وكنت متفقا مع صاحبي قبل هذا اللقاء على تحديد موعد رحلتنا النهرية الى جزيرة ام البقر في صبيخان.

سألت القرصان ..(( وهو الاسم الذي اخترته لصاحبي في الرحلة )) :

- واجهت خليف ابو السيارة - - ؟؟؟

- اي...اليوم انشالله في الساعة الواحدة نكون راكبين بالسيارة..يا دوبنا نلحق ...

- تفقدت الاغراض لا يكون نسيت شي من العدة؟ِ

- لا لا لا ...الله وكيلك قعدت من الصبح...

عزلت الشباك على جنب وتفقدت صندوق العدة وربطت الفراش وجهزت الخيمة...

مو باقي الا نشتري لوازمنا ونتوكل على الله.

- هيا ..بساع اشرب شايك تا نقوم نجمع الاغراض..

- يالله امشي ما ريد هالشاي الاقشر ..العمى شايهم ما ينشرب ..عوذة.

بعد ساعة من الزمن كان كل شيء حاضرا في اكياس من النايلون..

سكر ..شاي.. خبز...تتن...ملح..بهارات..زيت قلي..

فجل..بصل..بقدونس...بندورة...كاسات..قوري..

راديو...انتريكات...بطاريات..

سنارات صيد..- كلاليب- ..سكين..وخواشيق..

خيوط لترقيع الشبك.. - مياشع - ...

صناديق نايلون ..

بيدونات ماء نظيف للطبخ والشاي.

فراش..شباك..طرادة.

وهذه هي متطلبات كل رحلة عادية.

في الواحدة ظهرا ..ربطنا اخر الحبال في سيارة خليف وتأكدنا من جاهزية الانطلاق..

وضع خليف - مفتاح الكنطاك بالسيارة - وقال:

- توكلنا عليك يا الله...بسم الله الرحمن الرحيم..

رررررررررررررررررررررررررر.....تك تك تك تك

اشتغلت السيارة وبدأت الدواليب بالتحرك .

- نمر عالطاحونة ناخذ بوز؟؟؟

- لا ياخي..الدنيا باردة...بعدين ما نريد نعبي الطرادة اغراض..

قال خليف وهو ينظر الى المراية الواقعة بجانب الباب القريب مني:

- اشو بالله ..عدّل لي المراية شوية ليجاي تا اشوف الدرب زين؟

- مديت ايدي وقمت بتقديم المراية...شلون؟؟؟ زين؟؟؟

- بس..بس..تمام ..الله يعطيك العافية.

ودار بيننا حديث طويل..

فمسافة الطريق من البوكمال الى صبيخان تحتاج الى اكثر من ساعة..

قال القرصان مازحا:

- اشدعوة 600 ورقة من هين للصبيخان؟؟؟

- رد خليف:

ول يابا..الله وكيلك يا دوبها توفّي...صار لتر البانزين باربعين ورقة..

والسيارات العدامات يشفطن البانزين شفط...

ذاك النهار رحت على جوري بس تا يعيّر لي الصباب ما تركني الا ب500 ورقة..

شكون تحسّب حالك؟؟

الورقة القشرة معد تسوّي شي..

وصلنا للحريري...فالقى القرصان نظرة الى اثار ماري التي تظهر على يمين الطريق وقال:

- مو مسعد الا اللي يلقى تمثال صغير ويبيعو...والله الا يغتني لولد الولد.

قلت:

- وجهك وجه تماثيل...

الرزق يشوفك وينهزم على تركيا..

ضحكنا جميعا فقال خليف:

- بلّش ابن رشيد يعلّق...خلّي الزلمة يحلم...خو منت خسران شي...

وصلنا طلعة الصالحية ومنها الى الدوير..وبدأت السيارة بالنزول الى الشويط..

- انشالله ثلث ساعة ونكون بالصبيخان..

- وصلنا العشارة فقال خليف:

- تفقدتم شنو ناقصكم طول مو احنا بسد الدكاكين؟

- قال القرصان:

- كل شي مو ناقصنا...

وعند الصبيخان سأل خليف:

- منين نفوت؟؟ من اي درب؟

- شفت هذاك العامود اللي فوقه محول كهربا؟؟-

- اي.

- فوت من هناك...هذا الطريق يجيبك عالمكاين .

- لا يروح الطريق بيه طبطبة؟؟

- ها شبيك؟؟؟ طريق زفت ليما تصل الجرف..

وبعد قليل كنا نسحب الطرادة من ظهر السيارة وبدأنا بتسفيط الاغراض داخلها.

ولما انتهينا واصبحنا جاهزين للانطلاق...جلسنا على الشاطيء فما يزال هناك وقت كافي للابحار في النهر.

- شنو رايكم نسوّي قوري شاي؟؟؟

- اي والله جبتها..

- شربنا الشاي واستقل خليف سيارته عائدا للبلد بينما ركبت مع القرصان وطفنا بمحاذاة الجرف.

كان المنظر بديعا ومدهشا...

وكانت بنات القرية يملأن البراميل الصغيرة المثبتة على ظهور الحمير من النهر مباشرة.

وكان الرعيان على الشاطيء البعيد يسرحون باغنامهم في لوحة اسطورية رائعة.

وبيوت القرية تطل على النهر العظيم وهي محاطة بالاشجار والبساتين والمروج الخضراء .

ولا تكاد تختفي من ناظريك رؤية الابقار والخيل والاغنام التي ترعى على الشاطيء حيث العشب الطري والماء الوفير.

وعلى امتداد الافق تلوح بعض التراكتورات في الحقول..وبعض الفلاحين المنهمكين في رعاية حقولهم ومزارعهم.

كانت الطرادة تمشي ببطء في تيار الماء الهاديء...

وبعض الاسماك تظهر الى سطح الماء لتشكل دوائر كبيرة من خلال العابها المائية.

قام القرصان بتجهيز الشبكة وتنقيعها بالماء لتسهيل عملية انسيابها في التيار.

- خيو....خلينا نزت الشبك ونضرب هالحويجة اللي قدامنا ...شنو رأيك؟؟

- توكل على الله.

- القى القرصان بالشبكة في الماء بعد ان ربط غالونا بلاستيكيا في مقدمتها لمعرفة بداية الشبكة

وتسهيل طوفانها على السطح..ثم تابع بالقاء بقية الشبكة حتى النهاية..

كل شيء على ما يرام...

فقد شكلت الشبكة شكلا يشبه قرن الموز في استدارته.

.وبدأت خيوط الشبكة تلتقط كل ما يصادفها من اسماك..

ولما اقتربنا من الحويجة الطينية المطلوبة استعد القرصان لجمع الشبكة واخراجها من الماء.

- خلّي الطرادة رخوة...ديربالك تكرب الشبكة..ترا تنهزم كل الشبابيط..

- ولا يهمك..انت قول بسم الله ولمّ الشبكة.

- صعد القرصان الى مؤخرة الطرادة وبدأ بسحبها بعد ان جمع الخيطين (( الكرب والرصاص )) .

- ما شاء الله ما شاء الله ..ابشر بالصيد ..هذا اول ابو حليق جانا..

وبدأت الاسماك الشهية المتنوعة تتوالى على القرصان وهو في سعادة ونشوة واستبشار.

- عشانا طلع...اليوم بيها سهرة تاريخية..

عندما انتهى القرصان من جمع الشبكة استدار الى بطن الطرادة وبدأ باخراج الاسماك تباعا.

.

كانت الفرحة الغامرة تعلو وجهه الاسمر الممشّح والذي يشبه فرشاة الاحذية الخشنة.

قال في سعادة كبرى:

- العمى اشما عندك وجدان...

- ليش؟؟

- اشعل لي سيكارة ..ما تشوف ايديني منقّعة ..كلها ميّ.

اشعلت له سيجارة ووضعها في فمه وبدأ يمز كمدخنة التركتور.

كاد الصندوق البلاستيكي ان يمتليء من وفرة الاسماك التي حظينا بها في هذا المطواف الناجح.

قال القرصان:

- شنو رايك ننزل بحويجة ام البقر..

الحطب كثير ..والمكان معزول..والخلجان حوله كثيرة..

وهناك - خبنات - مائية بيها شبابيط على كيف كيفك.

وبعدين بس صارت الدنيا ورا المغرب هناك زاغ وطيور ماء

ومنيّل يجي ينام بيها بلكي نصيد لنا كم طير؟

- ما بي مانع..على راحتك..

وصلنا الى حويجة ام البقر..

سحبنا الطرادة الى الشاطيء..

وبدأنا بتنزيل الاغراض التي نحتاج اليها لبدء رحلة العشاء والسهرة في هذا المكان الخلاب.

(( الى الحلقة الثانية من الطريق الى ام البقر ))

اترككم برعاية الرحمن.

مجد101

» بنشر في الطريق الى الصحراء