حادثة دهس بالسيم

من اجمل صفحات الذكرى في عالم التراث المدهش في الزمن الجميل

هي تلك القصص المثيرة التي تترك اثرا كبيرا في عقولنا وخيالنا.

ورغم انها ليست اسطورية او ذات اهمية في سجلات التاريخ

الا انها لبساطتها وعمق تأثيرها تتحول الى ذكريات عذبة لا يمكن نسيانها.

ففي احدى المرات كنت في بداية تعلّمي لقيادة البسكليت.

وسياقة البسكليت في ذلك الزمن تعني بالنسبة للاطفال انهم دخلوا في عالم الرجال

وهو حلم ومطلب لكل طفل. وخصوصا عندما يقف امام المراية حتى ينظر الى فوق بلاجمه

ويتلمس ما ان بدأ شعر الشارب ينمو - حتى وان كان زغب فقط -

فهو يحمل في معانيه انه قد اصبح رجلا كبيرا.

قال لي احد اخوتي المشهورين بمقالبهم الطريفة:

- امشي تا نستكري بسكليتات من - جعيع - ونروح نقزدر...

قلت له: - جبتها بعينها...امشي ترى قلبي ذايب ذوب على سواقة البسكليت.

جينا على - جعيع ( وهو صاحب محل تأجير بسكليتات بالبوكمال )...

كل ساعة بفرنك....يتم تعيير الساعة في لحظة الانطلاق والمحاسبة بعد الرجوع.

كان اخي اكبر مني باللشة والعمر...فاستنقى بسكليت كبير الحجم- صيني-

ابو ثلاث حيات..وهي ماركة شهيرة...

اما انا فقد أخذت بسكليت على قد حجمي... فتيس ابيض اللون

لا رفاريف..ولا فريم...

اذا أردت التوقف يجب ان اضع رجلي على الارض واصير اشحط بالكلاش

الى ان يتم التوقف أو انني اضع رجلي على الكاوتشوك القدماني فتقل السرعة

وأتوقف...(( وهذه طرق معروفة للاطفال ).

خرجنا من السوق واتجهنا نحو طريق النبعية.....هناك ارض مفتوحة

وأمينة وقليلة الأخطار...

وصلنا الى طريق نازل نزول ( علوة )..فمر ّ أخي من جانبي كالصاروخ.

قال لي : تعال تا نتغالب....

فوافقت وبدأت أرص على الدواسة بكل حيلي حتى لم تعد رجلي تلحق تدوس.

ومع ازدياد السرعة الشديدة مع النزلة أحسست بمهارتي في فن القيادة.

وغمرني شعور مذهل بأنني دخلت في موسوعة دينيس لتحطيم الارقام القياسية.

ما شفت حالي (( ومن سوء حظي ))..الا ابن ملعونة جايب دعكولة سيم ربط

وهي ملفوفة على بعضها مثل شجرة الخرنوب....وحاططها بنص الطريق.

ومن شدة سرعتي بالبسكليت معد اقدر الوف عنها....

فمر ّ البسكليت من نصها تماما....ههههههههههههههههه

وفي لمح البصر تلفلف السيم على الدولاب والبيليا والزرد......

وانقلب البسكليت بحيث صار الدولاب الوراني قدامي...

وصرت اتدعبل انا والبسكليت ...مرة أحس حالي دخلت من البدنة

وطلعت من الطرف الثاني.

ومرة أحس ان القدون جلخني من راسي...

ومرة اشوف حالي بين الاسياخ ويدوس الدولاب على بطني.

المهم بعد اكثر من عشرين قلبة لعب بيّ البسكليت فرطنة.

عندما توقفت أخيرا...جاء أخي مسرعا...

قال : انشالله مابيك شي ؟؟؟

(( ههههههههههههههههههه))

قال ما بيك شي قال؟؟؟؟

لم يترك البسكليت قطعة لحم في جسمي دون ان ينهش منها لقمة..

ههههههههههههههههههههههه

ولم يعد في جسمي موضع شبر الا وفيه جلخ او رضّة أو جرح.

بعد ان شاهدني أخي وقد تغيّرت اكثر ملامحي واصبحت شهيد

بسكليتات بلا منازع. فالدماء بدأت تشخل مني كالحنفية.

الحمد لله ما انكسرت ولا كسر..بس جروح وجلوخ.

قام اخي واخرج دعكولة السيم من الدولاب وداس دوسة ليتأكد من الدوران.

قال لي: اركب بساع وامشي على كيفك تا نلحق اهلنا ونداويك.

ركبت وانا في حالة يرثى لها...

قطرات الدم ترسم على الطريق شريط طويل مثل النقاط التي تأتي

بعد عبارة ....................الخ .

اللي قاهرني ان البسكليت ما صار بيه ولا جلخ...

وازداد عجبي اكثر عندما لاحظت وانا في طريق العودة ان البسكليت

كل ما يمشي حوالي عشرين متر صار يشحط فريم لحالو.ويرجع يمشي.

( يمكن فاتت وصلة سيم بالبيليا ).

او انه تمت اضافة خصائص جديدة للبسكليت من ورا هالوقعة القشرة.

المهم وصلنا الى البيت وانا ما بقي بي ولا طقّة من الارهاق.

وكما قلت لكم : البسكليت قام بتغيير ملامحي.

(( حتى أمي معد تعرفني )).

قالت لاخوي: منو هاذا اللي معاك؟؟؟

فقال : هذا جريح مصاب في معركة اليرموك.

وعندما كشفت لها الوشم في يدي اليسرى الذي يدل على انني

من بيت ارجيب شهقت وركضت الى شيشة الدوا الاحمر والقطن والسبيرتو

لتعالجني.

بعد اسبوع تم الشفاء...

قال اخي: امشي تا نستكري بسكليتات...؟؟؟

قلت : انقلع..والله معد اركب بسكليت لو تغنيني مثل ما غنى موسى ربه.

وصرت أمر من قدام محل جعيع بين فترة واخرى لأجد البسكليت ( ابو الدقات )

واقف عالرصيف ينتظر سائقين جدد.

ولولا خوفي من جعيع لا يليحني كم كف ويطردني..

كلما يجي واحد تا يستكري البسكليت اقول له:

دير بالك لا يورمك...ترى ذاك النهار لعب بي فرطنة..

ولولا عناية الله والصليب الاحمر الدولي صرت معكرونة ايطالية.

اتمنى لكم الصحة والمتعة والهناء

ودمتم في تراث

سعيد الرجيب