تتفنن دور وصالات العرض العالمية باستعراض مبتكراتها الحديثة.
وتتسابق من اجل الوقوف على اخر صيحات الموضة والاناقة والموديلات.
والحضور دائما هو لفئة الارستقراطيين الذين لم يتعبوا بالحصول على المال
فيصرفونه ببذخ وترف على كماليات تافهة وبالملايين كنوع من الرفاهية .
فهذه - أميرة ..أو فنانة ....تشتري جزمة بمليون....!!!!
وهذه زوجة رجل أعمال شهير تشتري فستان ( ذراع ونصف ) يظهر نصف
ظهرها بمليون ونصف كنوع من اظهار (( السخاء والذوق والكرم )).
وهناك مئات النسوة بل الالوف ممن يتحسرون على فستان يستر عوراتهم.
ويبحثن عن ثوب قديم لتصغيره وصناعة ثوب صغير لاحدى بناتهن.
ولا أدري كيف تأتي المصادفة؟؟؟
هل هي أرزاق...؟؟؟
أم هي أقدار ؟؟؟ ولا أظنها كذلك..
أم هي شنص أخو حفيانة كما تقول حبابتي في احيان كثيرة عن مثل تلك المتناقضات.
أناس ولدوا وبأيديهم ملاعق من ذهب..((اللهم لا حسد ))...وأناس تركض والعشا خبّاز.
تذكرت الليدي باريوت...والاميرة ديانا ...وصوفيا ..وكاترين ..وجاكلين.....والكثيرات غيرهن.
حضور دائم في صالات عرض الازياء...
شراء غير معقول....اصبحت صالونات العرض اكثر من عدد المدارس والمستشفيات.
حقيبة يد....تحملها في يديها بملايين الدولارات ...لماذا؟؟؟
- جلدها مأخوذ من جلد غزالة في بادية قازاخستان.
- السير مصنوع من ذيل ثعلب قطبي.
- البزيم ..او الكبسة...او المفتاح مصنوع في اليابان مزخرف ومرصع بالجواهر.
وهي ليست سوى - شنطة يد بداخلها (( علك )) ابو خمس ورقات ومشط ومراية .
تذكرت كيس أبو خرّاطة الذي تحمله حبابتي في عنقها.
تذكرت كم مرة ومرة ومرة ونحن نبحث عنه في زوايا البيت وننبش الهدوم للعثور عليه
لأن حبابتي ( قلبت الدنيا على روسنا ) وهي تصيح: ضاع الكيس....!!!
وأخيرا (( شر البلية ما يضحك ))..نجده معلقا في رقبتها فهو لم يضيع بل انها تقول
لتبرير قلقها لفقده: اشمدريني....قلبي أعمى.
كنا نقول لها:
- مشان الله بس علمينا شكون بهالكيس الاقشر فتقول باصرار:
(( شغلة خاصة ))................
فتزداد حيرتنا ويكبر تساؤلنا...ماهي هذه الشغلة الخاصة؟؟؟
يمكن - والله اعلم - مصباح علاء الدين ...أو شيفرة مركبة فضاء؟؟؟
المهم.....اتفقنا على معرفة ما بداخل الكيس (( قوة- مروّة )..
فتحناه...ويالهول الصدمة......!!!!!!
وجدنا بداخله (( علبة دهن مشح ))......هههههههههههه
ضحكنا حتى جفّ الدمع المخصص للضحك في عيوننا...
ودرنا الضحك الباقي على الفضال حتى جف مخزون الدمع المخصص للحزن.
نظرنا الى يديها المتشقّقتين مثل صحارى تشاد التي لم يزورها المطر من عدة قرون.
وتم حل اللغز المحيّر عندما كنا نتلمّس الكيس من ظاهره ونحزر ما يوجد بداخله.
وكنا نفشل في معرفة ما يحتويه فنزداد فضولا للمتابعة والتقصي.
عرفت بعدها انها كانت تستقي ربة الينبوع في ماري لاكساب يديها الليونة والطراوة والنعومة.
وعرفت بعدها لماذا كان حج رشيد - وسيد صقار - وعيسى الأحمر ..رحمهم الله جميعا.
وهم أصحاب محلات لبيع الخردوات والعطارة بسوق البوكمال...
كانوا يضعون - دهن المشح في تنك- وليس في عبوات وقوارير متطورة كما هو اليوم.
ويغرفون دهن المشح بقطعة حديد ليضعونه في كيس نايلون.
ثم يقوم المستهلك بافراغ المحتويات في البيت في علب وعبوات يكون اغلبها عبوات
مستحضرات طبية فارغة ...وهكذا فعلت حبابتي....
لقد أفرغت محتويات دهن المشح في شيشة نوفالجين كبيرة...
وتم حل اللغز أخيرا.
تاهت الذاكرة وانتقلت في سبر أغوار المفارقات العجيبة....
فكم وكم وكم رأيت من الفلاحين الذين يلبسون سراويل داخلية بيضاء.
مصنوعة من أكياس بذار القطن..تم تحويلها الى سراويل...
حتى اذا همّ أحدهم للوضوء أو الغسيل....
رفع الجلابية ووضعها في المحزم وبان سرواله العريض وقد توسطت فيه
دائرة مكتوب عليها : الزراعي....
ويوجد ضمن الدائرة الكبيرة دائرة أصغر منها في الوسط مكتوب عليها:
50 كغ ...
يا لها من مفارقات عجيبة..
انها صور لا تنسى..
انها تراث جميل يروي البساطة والمحبة والرضى ...
اترككم تتخيلون الباقي
دمتم في تراث