]هالني وانا اقرأ موضوع تعبير لأحد أصدقائي في الصف الثالث الابتدائي
عندما كان عنوان الدرس (( الحريق ))..أن أقرأ بعض السطور مما جاء
في موضوع صديقي الذي ارتجل العامية بطلاقة تاركا الفصحى لعصا الاستاذ:
(( بينما كنت أمشي بدربة بيت جدي حنون, شفت دخان طالع من بيت سعيد البواب
والناس قامت تتراكض وتصيح: حريق يولّلو حريق.........الخ )).
وعلى هذا النمط سار موضوع صديقي التعبيري المدهش....
حاولت تقليده بعد 45 سنة لأجد فيه متعة التصور في الزمن الجميل.
وها أنذا مقلّدا اياه في موضوع مختلف.
حدثنا عيسى بن هشام فقال:
بينما كنا داخلين الى ماكف البوكمال...رأينا مجموعة من المعيز والغنم والجمال.
وحينما توسّطنا الفناء..وقفنا عند بقرة قرناء...سوداء ودهناء.
التف حولها الرجال وعلا بينهم القيل والقال.
هذا يقول : بارك ..وذاك يصيح : شارك.
وبدا بينهم سجال كسجال المعارك.
الى ان انتهى بينهم الحال وتم بيع البقرة.
وتم تسليم صاحبها الجديد الحبل والمقرة.
وبعد ان رفع الأردان ..وحلّ الجزدان...ودفع النقود.
أعطى لابنه الحبل وطلب منه ان يقود.
فخرجا من الماكف مسرورين...
لا منتوفين ولا معرورين....فهناك ازدحام شديد...
ورغبة لدى الجميع بشراء المزيد.
وعند مغادرتهما للباب...كان للبقرة في هذه الثواني الف حساب.
فما ان وقعت عينها على الصحراء....حتى تراجعت الى الوراء...
وقبل ان تكوّن لدى صاحبها اية فكرة او اراء...
قامت بتفّ الحبال..وقالت : وينك يا جبال ؟.
فحاول احد المارة ان يقطع عليها الطريق...
فنطحته على الماشي وأزالت من عينيه البريق.
فهبّ من هبّ لمساعدة الرجل..وكل واحد على روحه قلق ووجل.
فسلكت البقرة طريق نبعية بيت فرحان....
ويبدو ان موعد بداية الفيلم الكوميدي قد حان.
كان اول اللاحقين بها شاب على المطور....
يبدو انيقا من خلال بنطاله وقميصه ورائحة العطور.
وما أن سمعت البقرة صوت الماكينة....
حتى تظاهرت بالرفق والسكينة...
واقترب منها الشاب للامساك بذيلها....
حتى يفقدها عزمها وحيلها....
فاستدارت نحوه دورة كاملة
لتشكره على هذه المعاملة.
فحملته من المحزم..وفعلت له ما يلزم.
فطار في الهواء....وهو بين شقلبة والتواء.
وفقد زمام الحل والربط .لأنه جاء على رأسه خبط.
وتابعت رحلة الفراق سالكة طريق العراق.
فوصلت الى الوادي....ولم يبقى امامها سوى عمق البوادي.
فطلب صاحبها النجدة...وكان الحاضرين خايفين لا ياكلون منها رجدة.
توجهت الى المشاهدة والحمدان....وصاحبها ينطز وراءها كالسعدان.
وعندما دخلت أحد الدور....تناثرت الجداري والقدور.
وكاد حبلها الذي يسحل وراءها ان يسحب التنور.
وصلت أخيرا الى الكراب....بعد ان تركت وراءها الدمار والخراب.
وعندما تحلّق القوم حولها كالدائرة....نظرت اليهم بعيون غائرة.
وطلب صاحبها من ابنه احضار الجفت....وقال لمن حوله : أوقح من هالبقرة ما شفت.
وقبل ان يتم الكلام....هجمت عليه لتعلمه أصول السلام.
ونطحته نطحة رائعة..كانت لمثلها جائعة.
فصاح من تحتها : أنقذوني....والى أقرب طبيب خذوني.
فهبّ لنجدته الرجال بعد ان طارت من رأسه المحرمة والعقال.
وانشقت الجلابية في حركة لولبية...
وعندما تملّصت من يديه الأكمام....تذكّر الأخوال والأعمام.
فقال لمن معه:
انهزموا من قدّامها بساع...أحسن ما تمسح بيكم القاع.
فلاذ الجميع بالفرار...بعد ان فقدوا الوسيلة والقرار.
وبعد أن وصل الجفت....تم الضغط ( كونترول اند شفت ).
فخرجت الطلقة:....طااااخ...!!!
وتم تكسير أرجلها....
فهجم عليها عبد المجيد...وذبحها من الوريد الى الوريد..
وأنزلوها الى السوق...ليبيعوا لحمها بين طازج ومشوي ومسلوق.
أما صاحبها فقد أخذوه للطبيب....وكتب له وصفة الى مطعم لبيب.
وعندما أكل أول سيخ كباب....نسي الجغرافيا والحساب.
وزال من عينيه الضباب...
فقال وهو يئن:
بالله عليكم يا شباب
ابعدوني عن ماكف البوكمال...فقد خسرت فيه المربح وراس المال...
وعاد الى قريته في سيارة خاصة لأنه لم يستطع الجلوس بل انجضع بالكرسي الوراني
لأن عظامه ما زالت تتذكر مقامات البقرة المهزومة
[/size]
سوا مشان سوريا